أمراض جلدية وتناسليةالطب البديلالعناية بالبشرةالعناية بالذاتالعناية بالشعرصحة وطب

السيطرة على التهاب الجلد الدهني بدون علاج

يصاب الكثير من الناس بالتهابات جلدية على شكل بقع قشرية محمرة على فروة الرأس أو الوجه أو مناطق أخرى من الجسم، ويتعامل معها بعضهم على أنها قشرة رأس بسيطة، ويتعامل معها آخرون على أنها إصابة فطرية، وفي حقيقة الأمر فإن معظم هذه الحالات هي عبارة عن التهاب جلد دهني، أو ما يسمى بالأكزيما الدهنية، أو التهاب الجلد المثي، أو التهاب الجلد الزهمي.

ما هو التهاب الجلد الدهني؟
هو مرض جلدي مزمن، غير معد، حطاطي وسفي، تكون فيه طبقة الجلد المصابة مرتفعة قليلًا وعلى شكل قشور سميكة صفراء اللون فوق بشرة محمرة، ويتمركز هذا المرض في الأماكن الدهنية من جسم الإنسان مثل فروة الرأس (يسبب القشرة عند الكبار وقبعة المهد عند الرضع) والوجه (الحواجب والجفون والأنف والطيات الأنفية الشفوية) ومنتصف الصدر.يحدث هذا المرض عند الأطفال في الأشهر الأولى من الحياة، حيث تنشط الغدد الدهنية عند الولادة، لكن عندما يتوقف نشاط هرمون الأمومة تصبح هذه الغدد غير نشطة حتى سن اليفع، وعادة ما تحدث الإصابة عند البالغين في المرحلة العمرية بين 18-40 عامًا، وأحيانًا قد تظهر حالات في كبار السن.
يصيب التهاب الجلد الدهني 3-5٪‏ من البالغين، وفي حالة القشرة فإنه يصيب 15-20٪‏ منهم، وتكون الإصابة بهذا المرض أكثر شيوعًا في الذكور منه في الإناث وذلك في مختلف المراحل العمرية.

أسباب الإصابة بالتهاب الجلد الدهني

إن الآلية الدقيقة لحدوث المرض وأسباب حدوثه غير معروفة، لكنه يعتبر شذوذًا استقلابيًا ولاديًا في تصنيع الزهم، ويعتقد أن الوراثة تلعب دورًا في حدوثه لأنه كثيرًا ما يشاهد في نفس الأُسر، كما يعتقد أن هناك عاملين يسهمان بحدوثه:

  1. العامل الأول هو الإفراط في إنتاج الزهم (الزيوت التي تنتجها البشرة)، ما يجعل الجلد دهنيًا ومحمرًّا.
  2. العامل الثاني هو نوع من الفطريات التي توجد بشكل طبيعي في زهم الجلد وتدعى المالاسيزيا، ويمكن أن تنمو في بعض الأحيان بشكل غير طبيعي، ما يسبب إفراز المزيد من الزهم، وبالتالي حدوث الأكزيما الدهنية.

كما أن هناك عدة عوامل تؤهب لحدوث الإصابة مثل:

  • الثورات النفسية: كالضغط النفسي أو الاكتئاب أو قلة النوم أو التعب المستمر.
  • فرط التعرق: قد تلعب دورًا وسيطًا.
  • تبدل المواسم: تظهر نوبات المرض خصوصًا في موسم الشتاء.
  • بعض أمراض الأعصاب: مثل مرض الباركِنسون، والسكتة الدماغية.
  • سوء النظام الغذائي: فرط تناول الدهون، وشرب الكحول.
  • حاملو فيروس نقص المناعة البشرية HIV أو المصابون بالإيدز، لديهم خطر كبير للإصابة بالمرض.
  • عند الأطفال فإن الإفراط في تناول فيتامين A، نقص البيوتين، نقص البيريدوكسين فيتامين ب6 والريبوفلافين فيتامين ب2 قد تسبب التهاب الجلد.

أعراض التهاب الجلد الدهني

تظهر الأعراض عند البالغين تدريجيًا، وعادة ما تكون العلامات الأولى مشابهة لتقشر الجلد، ويمكن أن تكون التقشرات صفراء، بيضاء أو رمادية اللون، مع احمرار في الجلد، ومن الشائع أن تظهر على فروة الرأس وعلى مركز الوجه (على الجبين والحواجب وقرب الرموش وحول جوانب الأنف)، وخلف الأذنين، وعلى أوسط الصدر وأعلى الظهر، وتحت الثديين، وتحت الإبطين وبين الفخذين.

في الحالات الأكثر شدة، تظهر البثور المتقشرة ولونها أصفر يميل إلى الحمرة، مع حكة أو حرقة في الجلد، ومن الممكن أن يحدث التهاب في بصيلات الشعر، ما يؤدي إلى تساقط الشعر والصلع، وليس كل من لديه التهاب الجلد الدهني يواجه تساقط الشعر حتى لو كانت الإصابة على فروة الرأس.

وبشكل عام فإن سير المرض مزمن، وقد تدوم الأعراض من بضعة أسابيع إلى سنوات، مع تعاقب فترات من النشاط والهجوع، وغالبًا ما يحدث النشاط في الشتاء والربيع بينما يحدث الهجوع في الصيف.

أما عند الأطفال فيمكن أن يحدث المرض لدى الرضع الذين تقل أعمارهم عن ثلاثة أشهر، ويسبب قشورًا سميكة زيتية صفراء أو بنية حول خطوط الشعر وفروة الرأس تسمى خبز الرأس أو قبعة المهد، وليس من الشائع حدوث الحكة لدى الأطفال الرضع، وفي كثير من الأحيان يصاحب طفح فروة الرأس طفح جلدي على الوجه والعنق وخلف الأذنين وفي منطقة الحفاض.

وقد يصبح التهاب الجلد الدهني معممًا ويترافق مع التهاب جلد توسفي فيشبه الصداف، أو يترافق مع حمامى معممة وإسهال مزمن وفشل نمو فتعرف الحالة باسم داء لاينر (Leiner’s disease) والذي يعكس سوء وظيفة الجهاز المناعي، والكثير من هؤلاء الأطفال يشفون عندما تتغير تغذيتهم إلى ماء الأرز وحليب البقر، ويعتقد أيضًا أن الإرضاع من حليب الأم قد يكون هو المسؤول عن هذا المرض.

وعادة ما يزول التهاب الجلد الدهني عند الرضع قبل أن يكملوا السنة الأولى، على الرغم من أن المرض قد يعود عندما يصلون إلى سن البلوغ.

كيف يُشخص المرض

يعتمد التشخيص على السيرة المرضية، الفحص السريري، ولكن إذا كان هناك عدم تأكد فيمكن أخذ خزعة من الجلد وإجراء فحوصات أخرى لنفي حالات مشابهة أخرى مثل:

الصداف: قد يكون صعب التفريق عن التهاب الجلد الدهني خاصة الذي يصيب الفروة، لكن في الصداف يكون الجلد جافًا أحمر اللون ومغطى بندبات فضية، كما أن الآفات لا تمتد عادة ولا تتجاوز خط الشعر على عكس التهاب الجلد الدهني الذي قد يمتد ليصيب الحاجبين والأجفان والوجه.

التهاب الجلد التأتبي: وهو مرض مزمن يتسبب بجلد ملتهب ومثير للحكة، لكنه غالبًا ما يظهر في مناطق طيات المفاصل والرقبة، وهو يظهر على شكل نوبات إلى جانب فترات هادئة أكثر، وهو منتشر لدى المصابين بأمراض الحساسية المختلفة.

النخالية الوردية: يمكن تفريقها بوجود بقعة الطليعة، التوزع النموذجي للآفات حول خطوط الأضلاع (شجرة عيد الميلاد)، القشور الملتصقة في الأطراف وبقع ناقصة الصباغ في الوسط.

السعفة الجسدية والأربية: تتميز بحواف فعالة من الآفات، القشور غير الدهنية الجافة.

فطار فروة الرأس: وهي عدوى فطرية في فروة الرأس، والتي تتسبب بأعراض مشابهة لالتهاب الجاد الدهني، ينتشر هذا المرض خاصة لدى الأطفال الصغار.

علاج التهاب الجلد الدهني

أحيانًا قد يزول المرض من تلقاء نفسه، ولكن بشكل عام يكون سير المرض مزمنًا ويستمر مدى الحياة على شكل هجمات تذهب وتعود، ولا يوجد حتى اليوم علاج يمكنه أن يخفي المرض نهائيًا، ويقتصر الهدف من العلاج على السيطرة على المرض والتقليل من أعراضه.

في حالة إصابة فروة الرأس عند البالغين: المرحلة الأولى من العلاج تتم بمستحضرات غسل الشعر (الشامبوهات) التي تحتوي على مواد فعالة لهذه الحالة، من ضمنها الكيتوكونازول أو السيلينيوم أو الساليسايليك أسيد، أو زنك بايراثيون أو كلوروكسين أو القار، ويجب إبقاء الشامبو على الرأس لمدة 3-5 دقائق قبل غسله، ويجب أن يكون استعماله بشكل يومي حتى اختفاء الأعراض، ومن ثم التقليل تدريجيًا من وتيرة الاستعمال، وإذا زال مفعول الشامبو يمكن استعمال نوعين مختلفين من الشامبو بالتناوب.

إذا لم يكن هناك تحسن، يمكن التوجه إلى الطبيب للحصول على وصفة لشامبو أقوى ذي مركبات فعالة إضافية مثل الستيروئيدات (تريامسينولون) أو كريمات الستيروئيدات.

في حالة إصابة الوجه وباقي الجسم: يتم استخدام منتجات للبشرة سواء غسول وجه، أو صابون جسم، أو مرطب للوجه يحتوي على إحدى المواد الفعالة: الكبريت، حمض الساليسيليك، زنك بايراثيون، وبيركتون اولامين، كما يمكن استخدام الكريمات التي تحتوي على مضادات للفطريات ومضادات للحكة، أما في حالة عدم نجاح ذلك، فقد يقوم الطبيب بوصف ستيرويد قشري موضعي أو مضاد للفطريات أو خليط بينهما.

وفي الآونة الأخيرة تم استخدام معدلات المناعة الموضعية، كالتاكروليموس الذي يحمل الاسم التجاري بروتوبيك، والباميكروليموس الذي يحمل الاسم التجاري أليديل، إلا أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تنصح بعدم استخدام البروتوبيك والأليديل إلا في حالة فشل العلاجات الأخرى أو عدم قدرة المصاب على استخدامها، وذلك بسبب القلق بشأن تأثيرها على جهاز المناعة في حالة الاستخدام طويل الأمد لها.

بالنسبة لعلاج فروة رأس الطفل فيتم من خلال اتباع ما يأتي:

  1. تدليك فروة الرأس مع زيت الزيتون قبل غسل الشعر بالشامبو.
  2. تحميم الطفل يوميًا بشامبو لطيف وصابون خفيف طالما كانت القشور موجودة، وفي حالة اختفائها فبالإمكان تقليل عدد مرات استخدام الشامبو إلى مرتين في الأسبوع.
  3. تمشيط شعر الطفل بفرشاة نظيفة وناعمة بعد كل حمام ولعدة مرات باليوم.
  4. أما في حالة استمرار هذه الحالة لدى الطفل، فيمكن استخدام كريم أو لوشين يحوي على كورتيزون أو مضاد فطري موضعي كالإيتراكونازول، ولكن يجب استشارة الطبيب قبل استخدام هذه المستحضرات، فبعضها قد يكون سامًا للرضيع، كما لا ينصح باستخدام الشامبو الذي يحوي على حمض الصفصاف للرضع.

وتجدر الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى ما ذكر، يجب الاستعانة بالطبيب في حالة ظهور السوائل أو الصديد من قشور التهاب الجلد الدهني أو قلنسوة الرأس، أو في حالة الاحمرار الشديد أو الألم.

المصادر

  1. د. كريم مأمون (طبيب وكاتب سوري)

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى