قصة سيدنا موسى عليه السلام (كليم الله) الجزء الثانى
محتويات
كنا قد توقفنا في الجزء الأول من قصة سيدنا موسى عليه السلام إلى بداية دعوته إلى الله وذهابه مع أخيه مجددًا إلى قصر فرعون لدعوتهم إلى الله. تابعوا معنا قصة سيدنا موسى عليه السلام.
بدء الدعوة إلى الله
وعندما عاد موسى إلى مصر وذهب هو وهارون إلى قصر فرعون، ليقوموا بدعوته إلى عبادة اللّه الواحد الأحد. فقالا لفرعون: أنهما رسولان من الله تعالى يدعونه ويدعون بني إسرائيل إلى ترك عبادة الأصنام والإيمان بالله تعالى.
ولكن فرعون لم يقتنع وظل يسأل موسى العديد من الاسئلة، وتكبر ورفض تصديق موسى عليه السلام، حتى يضل قومه.
ثم ذكره فرعون بقتله لمصري من قبل، فأخبره موسى أنه ندم وتاب إلى الله. فقال له موسى أنه جاء بالمعجزات.
فسأله فرعون ما هى تلك المعجزات التي جئت بها.
فألقى موسى عصاه فتحولت إلي ثعبان مُبين أمام الجميع، ثم حملها فعادت إلي هيئتها الأولى مرة أخرى، ثم قام بضم يده إلى جيبه فأخرجها فإذا هي تخرج بيضاء من غير سوء.
فاتهمه فرعون بالسحر والضلال، وقال لقومه:
إنه يريد أن يخرجكم من دينكم الذين تتبعونه بالسحر، فماذا ستفعلون.
فقالوا له:
اجمع السحرة وستأتي السحرة من كل مكان من أجلك.
فاتفقوا مع موسى أن يتقابلوا في يوم الزينة حيث سيجمع فرعون كل السحرة، ليثبت لبني إسرائيل أنه مجرد ساحر وليس رسولًا كما يدعي.
اجتماع السحرة مع موسى
وفي يوم الزينة، اجتمع الناس لرؤية ماذا سوف يحدث. وجاء السحرة من كل أنحاء البلاد، وقالوا لفرعون:
أننا لنا الكثير من الهدايا والمكافأت إذا كنا نحن الفائزين.
فوافق فرعون وقال لهم:
أنك ستكونون من المكرمين عندي أيضاً
ثم بدأ العرض، وقال السحرة:
إما أن تلقي أو نكون نحن الملقين.
فقال موسى:
ابدءوا أنتم أولاً.
فقام السحرة بإلقاء عصيانهم وحبالهم، فظهرت لناس بسبب سحرهم كأنها ثعابين كبيرة وصغيرة تتلوى على الأرض. خاف موسى في البداية، فأوحى له الله أن لا تخاف وأنك أنت المنتصر.
فألقى موسى عصاه، فتحولت ثعبان حقيقي كبير، وبدأ يأكل كل الثعابين التي على الأرض، مما أفزع الناس مما حدث، ثم مد موسى يده إلى الثعبان فعاد عصا مرة أخرى.
إيمان السحرة باللّه
ذُهل السحرة مما شاهدوه، وأدركوا أن هذا ليس سحراً بل حقيقة، وأن موسى ليس ساحرًا، بل هو رسول حقيقي من الله بعثه الله بالمعجزات.
فسجدت السحرة إلى اللّه وقالوا: آمنوا بالله وبرسوله الذي أرسله، فغضب فرعون كثيراً، وأخبرهم أنه سيعذبهم إن لما يرجعوا إلى دين فرعون مرة أخرى. ولكن السحرة رفضوا وقالوا أنه لن يرجعوا عن دين موسى.
فأمر فرعون أن يصلبوا السحرة على الشجرة ويقطعوا أيديهم وأرجلهم من خلاف جزاءاً لما فعلوا.
لم يخاف السحرة من أمر فرعون، بل ثبتوا على دينهم، وقالوا له افعل ما تريد؛ فنحن نخشى الله ونريد الآخرة ولا نريد الحياة الدنيا.
ولم يؤمن بموسى إلا القليل من بني إسرائيل. ولم يسلم المؤمنون من إيذاء وبطش فرعون وقومه.
فأرسل الله على بني إسرائيل الفيضان، ثم أرسل الجراد والضفادع والقمل، فعرف الناس أن هذا بسبب غضب اللّه عليهم بسبب ما يفعلونه بالمؤمنين.
فقام فرعون باستدعاء موسى، وأخبره أنه إذا استطاع أن يوقف ما يحدث ويبعد عنهم الفيضانات والجراد، فإنه سيكف عن تعذيب بني إسرائيل وسيدعهم وشأنهم.
فدعا موسى ربه أن يوقف الفيضان، فهدأ الفيضان فوراً، وتوقف الجراد والضفادع والحشرات. ولكن فرعون لم يصدق في كلامه، وأخلف وعده واستمر في تعذيب بني إسرائيل.
فقام اللّه سبحانه وتعالى بتحويل الماء إلى دماء. وكان عندما يشرب قوم فرعون الماء يتحول إلى دم فوراً، فوعد فرعون موسى أنه سيمتنع عن تعذيب بني إسرائيل، وسيجعلهم أحرارًا إذا رفع عنهم ذلك البلاء.
فدعا موسى أن يرفع البلاء، فاستجاب الله لدعاء نبيه موسى وعاد الدم ماءًا مرة أخرى، وأصبح بني إسرائيل أحرارًا. وأوحى الله إلى موسى أن يهرب مع قومه من مصر.
اقرأ أيضًا:
- قصة سيدنا موسى (كليم الله) الجزء الأول.
- قصة سيدنا يوسف عليه السلام (الكريم بن الكريم) الجزء الأول.
- قصة سيدنا نوح عليه السلام والعبر المستفادة منها.
هروب موسى وقومه من مصر
واتفق موسى مع قومه على أن يهربوا ليلًا، حتى لا يشعر بهم أحد. وعندما حل الليل بدأ قوم موسى بإحضار أمتعتهم وملابسهم وخرجوا وتوجهوا ناحية البحر الأحمر.
وعندما حل صباح اليوم التالي، اكتشف فرعون أن بني إسرائيل، قد هربوا من مصر، فجمع جنوده وخرجوا ورائهم. وبدأ باللحاق بموسى وبني إسرائيل.
فلما رأى بنو إسرائيل قوم فرعون خلفهم، ورأوا البحر أمامهم، خافوا خوفًا شديدًا، وبدأوا بإلقاء اللوم على موسى.
فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، لينقذ قومه من فرعون.
قام موسى بضرب البحر، فانشق البحر إلى نصفين، ووجدوا طريقًا يابسًا وسطه.
مر موسى وبنو إسرائيل من الطريق، حتى وصلوا للشاطئ الآخر، ولحقهم فرعون وجنوده وبينما هم يجرون خلفهم.
فأمر الله المياه أن تعود إلى طبيعتها، فأغرقتهم وقال فرعون وهو ينازع الموت:
آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين.
ولكن فات الأوان، فقد تكبر فرعون كثيراً وتولى عن أمر اللّه وكذّب برسوله وبمعجزات اللّه. فغرق فرعون وجنوده جزاءًا بما فعلوا، ولم يبقى غير جسد فرعون ليكون عبرة لغيره من البشر.
وصل موسى وقومه من بني إسرائيل إلى جبل الطور، وبقوا هناك، ولكنهم لم يجدوا ماءًا يشربوه، فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك الأرض، فانفجرت منها اثنتا عشرة عينًا.
ثم كلم الله موسى وأمره أن يصعد إلى قمة جبل الطور ويأخذ معه الألواح؛ ليكتب أوامر الله عز وجل وما أحله الله وما حرمه على بني إسرائيل.
واستجاب موسى لأمر الله، وترك هارون مع قومه وصعد موسى إلى الجبل.
وتمنى موسى أن يرى الله فأجابه الله أنه لن يراه أبدًا فهو إنسان لا يمكنه رؤية الله عز وجل. وطلب الله من موسى أن ينظر إلى الجبل فإذا بالجبل يهتز اهتزازًا عنيفًا من نظرة الله إليه، فأغمي على موسى من الخوف.
وعندما عاد موسى إلى وعيه؛ وجد الألواح مملوءة بأوامر الله، وكيفية أدائها، وما تم تحريمه.
قصة موسى والسامري
وعندما عاد موسى إلى قومه ومعه الألواح، تفاجئ بهم يعبدون صنمًا ذهبيًا على شكل عجل له خوار، غضب موسى غضبًا شديدًا، وأمسك أخيه هارون وتشاجر معه، وألقى عليه أشد اللوم، فقد أوصاه من قبل على قومه.
قال هارون أنه خاف أن يطيعه بعض القوم ويعصيه آخرون فيتفرقون، فتركهم حتى يأتي موسى، فسأله موسى عن صانع ذلك التمثال، فأخبره أنه رجلًا يدعى السامري.
فذهب موسى إلى السامري، وسأله كيف صنع هذا العجل فأجابه السامري: بأنه جمع ذهب القوم وقام بصهره وتحويله على شكل عجل، واتخذه بنو إسرائيل إلهًا يعبدونه، فأخبره موسى بأن الله سيعذبه عذابًا شديدًا لما فعله، وحرق العجل.
وأخذ موسى الألواح لبني إسرائيل، وأخذ يشرح لهم ما كتب فيها من تعاليم الدين، ثم أمرهم أن يذهبوا معه إلى فلسطين للحرب فرفضوا، وكاد الله أن ينزل عليهم غضبه، لولا أنهم تابوا، واستغفروا ربهم.
البقرة وقوم بنى إسرائيل
وذات يوم استيقظ بنو إسرائيل على نبأ مقتل أحد الرجال، فسأل موسى من منهم قتل الرجل فخاف الناس من عقوبة القتل حيث كان مكتوبًا في الألواح: أنه من قتل نفسًا تقام عليه عقوبة القتل ويُقتل.
فدعا موسى ربه أن يظهر القاتل، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يذبحوا بقرة ويُسلخ جلدها، ثم يُضرب بجلدها الرجل المقتول، وسوف يعود حيًا ويخبرهم عن القاتل.
أخبر موسى قومه بذلك؛ فسألوه عن مواصفات البقرة، فلما سأل موسى ربه عن صفاتها أجابه، أنها ذات سن متوسط لا هي كبيرة ولا هي صغيرة.
فسألوه عن لونها فدعا موسى ربه يسأله عن لونها، فأجابه الله أنها ذات لون أصفر فاقع.
فسألوه عن باقي مواصفاتها؛ فأخبرهم أنها لا تجر المحراث ولا الساقية، فأخذوا يبحثون عن تلك البقرة حتى وجدوها، وضربوا بجلدها الرجل المقتول، فقال اسم قاتله فأمر موسى بقتله.
وإلى هنا أطفالنا الأعزاء، ينتهي هذا الجزء من قصة سيدنا موسى عليه السلام، وتابعوا معنا في الأيام المقبلة بإذن الله قصص الأنبياء والرسل الذين بعثهم الله عز وجل لهداية الناس إلى طريق الحق.
المصدر
- كتب البداية والنهاية لابن كثير.