قصة صاحب الحوت سيدنا يونس عليه السلام
نتحدث اليوم في مقالنا على قصة نبي الله يونس عليه السلام والدروس والعبر التي نتعلمها منها.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
ما ينبغى لعبداً أن يقول أنا خير من يونس ابن متى
رواه البخاري
سيدنا يونس عليه السلام
بعث الله سيدنا يونس عليه السلام إلى أهل قرية نينوى في الموصل شمال العراق، وقد أوحى الله إليه كما أوحى لغيره من الرّسل، وجعله من الصالحين الأخيار الذين فضّلهم على العالمين.
فبدأ سيدنا يونس يدعو قومه لعبادة الله وترك عبادة الأصنام، وينصحهم ويرشدهم إلى الخير، ويخوفهم من النار ويحببهم في الجنة. ويأمرهم بالمعروف. لكن قوم يونس تمردوا وأصروا على كفرهم وعنادهم.
فأوحى الله إليه أنه إذا لم يؤمنوا بالله، فبعد ثلاث أيام سوف يحل عليهم غضب الله وسوف يحل عليهم العذاب الأليم. فذهب يونس الى قومه يحذرهم من غضب الله عز وجل، لكنهم لم يهتموا بكلام يونس.
فأحس يونس باليأس من هؤلاء القوم الكافرين، وأنهم لن يؤمنوا أبداً، فخرج يونس مغاضباً بسبب عناد قومه وإصرارهم على الكفر، ومن دون أن يأذن له الله عز وجل بالخروج من البلد.
فلما وجد القوم أن يونس قد خرج من البلد، تأكدوا من نزول العذاب بهم، فقذف الله في قلوبهم التوبة وندموا على كفرهم وعصيانهم لله ورسوله. وبدؤوا يضرعون إلى الله حتى يكشف بحوله وقوته ما بهم من غم.
استجاب الله لدعائهم وكشف عنهم العذاب. قال تعالى:
فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ
سورة يونس، الآية 98
ركوب سيدنا يونس السفينة
وعندما ذهب يونس، ركب سفينة تتجه إلى البحر، وظن يونس عليه السلام أن الله لن يعاقبه لتركه قومه والتوقف عن دعوتهم، وأبحرت السفينة، وبعد مدة من الوقت بدأ البحر يضطرب والأمواج تزداد، وهبت عاصفة شديدة وكادت السفينة تغرق.
فبدأ ركاب السفينة بالتشاور فيما بينهم، واقترحوا أن يخففوا من حمل السفينة، وبالفعل بدأوا بإلقاء حمولة السفينة، ولكن ما تزال السفينة تتهاوى.
فاقترحوا أن يقوموا بالقرعة ومن يقع عليه الاختيار ينزل من السفينة، ووافق الجميع، ووقعت القرعة على يونس عليه السلام. لكنهم لم يسمحوا له، حيث كان حسن الأخلاق.
فأعادوها مرة أخرى، فوقع الاختيار عليه مرة أخرى، فشمر ليخلع ثيابه ويلقي بنفسه في البحر.
فرفضوا أن يلقي بنفسه ثم أعادوا القرعة مرة ثالثة فوقعت عليه أيضاً، فعلم يونس أن وراء ذلك تدبيراً، وأدرك خطيئته، بسبب تركه لقومه قبل أن يؤذن له في الرحيل، فألقى بنفسه في البحر.
اقرأ أيضًا:
- قصة سيدنا موسى عليه السلام (كليم الله) الجزء الثانى.
- قصة موسى والخضر قصة كلها عبر ومواعظ مستفادة.
- قصص للأطفال مسلية وهادفة (الجزء الأول).
قصة يونس والحوت
عندما نزل يونس البحر، بعث الله عز وجل حوتاً عظيماً، فالتقم الحوت سيدنا يونس، وأمر الله الحوت أن لا يأكل لحمه ولا يهشم عظمه فليس له برزقه، وأن يبتلعه في بطنه فقط.
وطاف الحوت بيونس عليه السلام في البحار كلها. ولما استقر في بطن الحوت،لاظن يونس أنه قد مات، فبدأ بتحريك جوارحه فتحركت، فضاق صدره، وقال :
يارب اتخذت لك مسجداً لم يعبدك أحد في هذا المكان.
وقال تعالى:
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ *
ولبث يونس في بطن الحوت، فطاف به الحوت في لجم الموج، ويتنقل في ظلمات البحر. وبقى يونس في 3 ظلمات وهي ظلمة الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل.
فبدأ يونس بدعاء ربه وهو في بطن الحوت أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
وقال رسول الله صل الله عليه وسلم عن هذا الدعاء: ما دعى به أحد قط إلا استجاب الله له.
فأقبلت الدعوة تحن بالعرش. فقالت الملائكة:
يارب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة.
فقال الله لهم:
ألم تعرفوا ذاك.
قالوا يارب:
ومن هو.
قال الله عز وجل:
إنه عبدي يونس.
قالت الملاكئة:
عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل، ودعوة مستجابة
يا ربنا أولا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء فتنجيه في البلاء.
قال الله:
بلى.
فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ
النجاة وقبول الدعوة
فاستجاب الله دعاء يونس عليه السلام، وأمر سبحانه إلى الحوت أن يلقي به العراء، فألقاه على الشاطئ، فتلقته رحمة الله بالعناية، وأنبت عليه شجرة اليقطين.
فأنبت يقطيناً عليه برحمة من الله لولا الله أصبح ضاويا
وكانت الحكمة من شجرة اليقطين هو أنها ذات أوراقها كبيرة وكثيرة ولا يقربها ذباب ويؤكل منها.
فأخذ يونس يأكل من ثمارها، ويستظل بظلها، واسترد عافيته وقوته. فحمد ربه.
ورجع الى قومه فوجدهم كلهم مؤمنين ولم يهلكوا أو يصيبهم عذاب الله. وهنا عرف يونس عليه السلام الحكمة والخطأ الذي وقع به لأنه كان يجب عليه أن يصبر الثلاثة أيام ولا يغضب.
المصدر
- كتاب البداية والنهاية لابن كثير، المجلد الأول، قصة يونس عليه السلام.