قصة سيدنا يوسف عليه السلام (الجزء الثاني)
محتويات
ناقشنا في الجزء الأول من قصه سيدنا يوسف كيف انتقل يوسف عليه السلام إلى مصر وتربيته في بيت العزيز. ونتابع معًا في هذا المقال باقي قصه سيدنا يوسف عليه السلام.
لنكمل قصه سيدنا يوسف عليه السلام.
الفصل الثالث: إمرأة العزيز
عاش يوسف في قصر عزيز مصر، وكانت زوجة العزيز فتنت بحب يوسف عليه السلام، وفكرت كيف تستطيع أن تجعل يوسف يحبها أيضًا. وفي أحد الأيام نادته ثم أغلقت الأبواب وصارحته بحبها له.
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ
ولكن يوسف رفض طلبها، وقال لها:
قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ
الآية ٣٣ يوسف
ثمّ قام يوسف بالذهاب فأمسكت بقميصه فتمزق، وعند خروجهما وجدت العزيز عند الباب، فاتهمت يوسف بأنه حاول الاعتداء عليها زوراً وطلبت من زوجها أن يعاقبه.
ولكن يوسف أنكر ذلك وأخبرهم أن هي التي راودته عن نفسه. فأتوا بحكم من أهلها حتى يخبرهم من الكاذب فيهم، وكان طفلاً رضيعًا.
فقال له أنه اذا كان قميصه تمزق من الخلف فإن زوجة العزيز هي الكاذبة، وإن قميصه تمزق من الأمام فيكون يوسف هو الكاذب.
وعند رؤية قميص يوسف وجد أنه تمزّق من الخلف، علم أن زوجته هي الكاذبة.
تحدثن نساء الطبقة العليا في مصر بما حدث، وعلمت بذلك امرأة العزيز، فوضعت خطة كي يقعن في نفس خطأها.
وكانت الخطة هي أن:
تدعي النساء إلى بيتها وتعطي كل واحدة منهن سكيناً حادة لتقطع بها الطعام، ثم أمرت يوسف أن يدخل القاعة التي يوجد بها النساء.
وعندما شاهدت النساء يوسف دهشن كثيراً بجماله، لدرجة أنهن قطعن أيديهن وهم لا يشعرن. وهددته امرأة العزيز بالسجن إن لم يفعل ما أمرته به.
دخول يوسف عليه السلام السجن
ولكن يوسف عليه السلام فضّل دخول السجن على طاعة أوامرها، ودعا الله أن يبعده عن الفتنة، وأمر العزيز بحبس يوسف في السجن.
ذهب يوسف إلى السجن ومعه فتيان آخران، وكان يوسف مشهورًا بقدرته على تفسير الأحلام، وفي يوم رأى كلاً من الرجلان حلماً وطلبا من يوسف أن يفسر لهم الأحلام.
فقال لأحدهم أنه سوف يخرج من السجن ويسقى رئيسه الخمر. أما الأخر فسوف يصلب وتأكل الطير من رأسه. ثم بدأ يدعوا أصحابه في السجن لعبادة الله الواحد القاهر.
اقرأ أيضًا:
- كيفية صلاة العيد في المنزل؟
- على من تجب زكاة الفطر وما قيمتها هذا العام؟
- قصص ممتعة ومضحكة تحكيها لطفلك قبل النوم.
رؤيا الملك
رأى الملك رؤيا وعندما سأل الملأ الخاص به لم يستطيعوا تفسيرها حتى قال له أحدهم:
هناك في السجن فتى يدعى يوسف يستطيع تفسير رؤياك يا مولاي.
وعندما ذهب الفتى ليوسف ليقص عليه الرؤيا، استطاع يوسف تفسيرها. وأمر الملك بإخراجه من السجن، وسأله الملك عن النساء اللاتي قطعن أيديهن.
فقالت امرأة العزيز:
أنها هي السبب وأنها هي من راودته عن نفسه.
وهنا ظهرت براءة يوسف عليه السلام، وأصبح يوسفَ من المقربين إليه، وجعله على خزائن الأرض.
وهنا تبدأ فترة جديدة في حياة نبينا يوسف عليه السلام.
كان يوسف مسؤولاً عن الخزائن
أصبح يوسف مسؤولاً عن خزائن مصر، ويديرها كيفما يرى. وف يوم من الأيام، وقعت مجاعة في أرض كنعان التي كان يعيش فيها يعقوب وأبناؤه.
وقصد إخوة يوسف مصر طلباً للطعام، والتقوا بيوسف ولكن لم يعرفوه على الرغم من أنه قد عرفهم.
فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
وطلب منهم أن يأتوا بأخ لهم لكي يعطيهم ما يشاؤون من الطعام.
وعادوا إلى آبائهم وقصوا عليه ما حدث، ولكن نبينا يعقوب أخذ منهم ميثاق وعهد أن يحافظوا على أخيهم ولا يفعلوا مثل ما فعلوا بيوسف.
قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
سورة يوسف الآية 64
وقبل ذهابهم إلى مصر، نصحهم أبوهم ألا يدخلوا مصر من باب واحد، بل يدخلوها من عدة أبواب. والسبب الحقيقي لذلك يعلمه الله عز وجل ثم يعقوب عليه السلام.
لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ
مقابلة يوسف لأخيه الأصغر
ووصلوا إلى مصر، والتقي يوسف بأخيه ويقال إن اسم “بنيامين”، وأخبره يوسف أنه أخوه.
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
وكان يوسف يرغب أن يبقي أخاه بجانبه، فأمر بوضع مكيال الطعام، الذي يزن به، ضمن أمتعة أخيهم دون أن يشعر أحد منهم بذلك.
فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ
وقبل أن يرجعوا إلى بلادهم، إذا بمنادي الملك يخبرهم بأن مكيالاً قد سُرِق، وأنه لا بد من تفتيش الأمتعة لمعرفة السارق قبل أن يذهبوا.
وبدأ بتفتيش أمتعتهم قبل متاع أخيه، ثم استخرج المكيال المسروق من متاع الأخ، ولكنهم دهشوا حين رأوا المكيال، وطلبوا من يوسف أن يأخذ أحد منهم مكان أخوهم، لأن أباه شيخ كبير لا يتحمل فقدان ولده. ولكن يوسف رفض.
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ *
قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ * قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *
قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ
حزن يعقوب على ولديه
عادوا إلى أبيهم وهم لا يدرون ماذا يفعلون وهل سيصدقهم والدهم هذه المرة؟
ولكنهم أخبروا سيدنا يعقوب بما حدث، وحزن النبي يعقوب عليه السلام على فقدان ولده وفقدان يوسف حتى أصيب بالعمى من كثرة الحزن.
وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ
ولكنه لم ييأس أبدًا من رحمة وفضل الله. علمنا يعقوب أنه مهما طال الاختبار والابتلاء، فإن عدم اليأس طريق للنجاة.
وطلب يعقوب من أبنائه البحث مجددًا عن إخوتهم وعدم اليأس من فضل الله ورحمته. فانطلقوا مجددًا إلى مصر للبحث عن أخوتهم.
عودة يوسف إلى أبيه مجددًا
رأى يوسف إخوته وهم عائدون إلى مصر، فسألهم:
هل علمتم ما فعلتم بيوسف عندما كان صغيراً؟
فتعجب الإخوة من سؤاله وسألوه أأنت يوسف؟ قال نعم أنا يوسف. وندموا كثيرًا على ما فعلوا بإخيهم.
وطلب منهم أن يذهبوا بقميصه إلى والده فعاد إليه بصره مجددًا.
وتجهز يعقوب وأولاده للذهاب إلى يوسف في مصر وقال لهم يوسف:
ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ
وضم يوسف والديه إلى صدره، وسجدوا له إخوته عندها أدرك يوسف أن الله قد جعل رؤيته حقيقة.
العبر التي نتعلمها من قصه سيدنا يوسف كثيرة وعديدة:
- قد نتعلم عدم اليأس من رحمة الله.
- وأن الصبر جزاؤه الخير الكثير.
- ضرورة اتباع طريق الحق.
- أن ندعو الله ونحن موقنون بالإجابة.